Translate

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 27 يوليو 2012

صفات الله / التعرف إلى الله من خلال النصوص



                               مدى إدراك العقل لصفات الله

أن السبيل الذي يعرفنا بالله هو النصوص القرآنية والحديثية التي تتحدث عن الله حديثاً مباشراً مبينة صفاته وأسماءه وأفعاله .


وهذا السبيل سبيل نيّر مأمون العواقب ؛ لأن التعرف إلى الله من خلال كلامه وكلام رسوله لا يبقي مجالاً للشك والالتباس .
وقد حرصنا على أن نسوق النصوص ذاتها في أكثر الموضوعات ؛ فإنها أقدر على التعبير والتوضيح من نصوص البشر وكلامهم ، كما حرصت على ألا أزيف النصوص بالتأويل والتحريف كما فعل كثير من السابقين كي توافق آراء البشر ومقاييسهم ، والواجب أن يغير البشر من آرائهم ومقاييسهم كي توافق النصوص .


المطلب الأول

مدى إدراك العقل لصفات الله



صفات الله جاء بها القرآن وتحدثت عنها السنة النبوية قسمان :
الأول : ما لا يستطيع العقل الإنساني التعرف عليه وإدراكه بنفسه ، أي من غير طريق النصوص كإثبات اليد والوجه لله .


الثاني : ما يمكن أن يستدلّ عليه بالعقل كاتصافه بالقدرة والحكمة ، ونحن لن نستقصي ذكر صفات الله ، ولكن سنذكر جملة منها توضح المراد ، وتحرر المقصود ، وتعطي تصوراً وافياً إن شاء الله تعالى .



المطلب الثاني
جملة من الصفات التي جاءت بها النصوص ( الجزء الأول )
1- لله ذات




ولستُ أبالي حين أُقتل مسلماً ××× على أيّ شقٍّ كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ××× يبارك على أوصال شلوٍ ممزّع


وذات الله لا تشبه ذوات المخلوقين ، كما أنّ صفاته لا تشبه شيئاً من صفات المخلوقين ، فالله هو الكمال الذي لا كمال بعده ، وكلّ مخلوق لا بدّ أن يكون فيه نقص في جانب من الجوانب ، أدناها حاجته وفقره إلى غيره

يقول تعالى نافياً المشابهة بينه وبين خلقه : ( ليس كمثله شيءٌ وهو السَّميع البصير ) [ الشورى : 11 ] .

لله – سبحانه – ذات متصفة بصفات الكمال منزّهة عن صفات النقص ، والذي يقرأ حديث القرآن عن الله يعلم علماً قاطعاً بأنّ له ذاتاً ( الله لا إله إلاَّ هو الحي القيُّوم لا تأخذه سنةٌ ولا نومُ ) [ البقرة : 255 ] .
( قل هو الله أحد – الله الصمد – لم يلد ولم يولد – ولم يكن له كفواً أحد ) [الإخلاص] ، وعندما أراد الكفار قتل خبيب أنشد (1) :






نفسه سبحانه



لله تعالى نفس تليق بكماله وجلاله ، لا تشبه نفوس المخلوقات ، وقد أخبرنا الله بذلك في محكم كتابه ، قال تعالى : ( وإذا جاءك الَّذين يؤمنون بِآيَاتِنَا فقل سلامٌ عليكم كتب ربُّكم على نفسه الرَّحمة أنَّه من عمل منكم سوءاً بجهالةٍ ثمَّ تاب من بعده وأصلح فأنَّه غفورٌ رَّحيمٌ ) [ الأنعام : 54 ] .
فقد أخبر – سبحانه – أنّ له نفساً ، وأنّه كتب على نفسه الرحمة ، ونصّ الله على ذلك في آية أخرى ( قل لمن مَّا في السَّماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرَّحمة ليجمعنَّكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ) [ الأنعام : 12 ] .


وقد فسرّ الرسول صلى الله عليه وسلم شيئاً من هذه الكتابة ، ففي الحديث الذي يرويه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لمّا قضى الله الخلق كتب كتاباً ، فهو عنده فوق العرش : إنّ رحمتي تسبق غضبي ) وفي رواية ( تغلب غضبي ) ، متفق عليه (1) ، وإثبات النفس لله منهج الرسل من قبل ، فهذا عيسى يقول لرب العزة : ( تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنَّك أنت عَّلامُ الغيوب ) [ المائدة : 116 ] ، وقال الله لرسوله موسى : ( ثمَّ جئت على قدرٍ يا موسى – واصطنعتك لنفسي ) [ طه : 40-41 ] .
وقد حذرنا الحقّ نفسه فقال : ( ويحذّركم الله نفسه والله رَؤُوفُ بالعباد ) [ آل عمران : 30 ] .


والله يذكر عباده في عباده الذين يذكرونه في أنفسهم ، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي هريرة أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ، ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ) . (2)


وذكر الله يرضي نفس ربنا تبارك وتعالى ، ففي حديث مسلم عن ابن عباس عن جويرية : أنّ النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح ، وهي في مسجدها ، ثم رجع بعد أن أضحى ، وهي جالسة ، فقال : ( ما زلت على الحال التي فارقتك عليها ؟ ) . قالت : نعم .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لقد قلت بعدك أربع كلمات ، ثلاث مرات ، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشة ، ومداد كلماته ) . (3)
وجه ربنا سبحانه


لله – سبحانه – وجه لا يشبه وجوه المخلوقين ، نصدّق بذلك ونؤمن به ؛ لأنّ الله أخبرنا بذلك في كتابه ، ونصّ عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديثه .
قال تعالى : ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) [الرحمن :27] ، يقول ابن جرير عند تفسيره لهذه الآية : و ( ذو الجلال والإكرام ) من نعت الوجه ، فلذلك رفع ( ذو ) . (1)


وقد نفى بعض السابقين إثبات الوجه لله تعالى ، وزعموا أنّ الوصف بقوله : ( ذو الجلال والإكرام ) إنمّا هو للرب فالمنعوت بـ ( ذو الجلال والإكرام ) عندهم الربّ لا الوجه .
وقد ردّ هذا الزعم الإمام ابن خزيمة ، فقال : " هذه دعوى يدّعيها جاهل بلغة العرب ، لأنّ الله – جلّ وعلا – قال : ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) فذكر الوجه مضموماً في هذا الموضع مرفوعاً ، وذكر الرب بخفض الباء بإضافة الوجه ، ولو كان قوله : ( ذو الجلال والإكرام ) مردوداً إلى ذكر الرب في هذا الموضع لكانت القراءة ذي الجلال والإكرام مخفوضاً ... " . (2)


ومن النصوص التي جاء فيها إثبات الوجه لله قوله تعالى : ( كلٌّ شيءٍ هالك إلاَّ وجهه ) [ القصص : 88 ] .
أثر الإيمان بوجه الله تعالى




أ- قصد وجه الله بصالح الأعمال



إذا علمنا ما قرره الله فعلينا أن نقصد وجه ربنا بأعمالنا كما أرشد الله إلى ذلك في محكم كتابه ، فالعمل الذي لا يقصد به وجهه باطل : ( كلٌّ شيءٍ هالك إلاَّ وجهه ) [ القصص : 88 ] .ومن ذلك إنفاق المال ابتغاء وجهه : ( وما آتَيْتُم من زَكَاةٍ تريدون وجه الله فأولئِك هم المضعفون ) [ الروم : 39 ] .وقد وصف عباده الصالحين بأنّهم يريدون بعملهم وجهه ، ولا شيء غير وجهه ( إنَّما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً و لا شكوراً ) [ الإنسان : 9 ] ، ( وما لأحدٍ عنده من نعمةٍ تجزى – إلاَّ ابتغاء وجه ربه الأعلى ) [ الليل : 19-20 ] ( واصبر نفسك مع الَّذين يدعون ربَّهم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يريدون وجهه ) [ الكهف : 28 ] .وفي الصحيحين من حديث عتبان بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( فإن الله قد حرم على النار من قال : لا إله إلا الله ، يبتغي بذلك وجه الله ) . (3)





ب- الاستعاذة بوجهه سبحانه


وقد فعل ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فقد روى جابر بن عبد الله أنَّه (( لما نزلت هذه الآية : ( قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم ) [الأنعام: 65] ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أعوذ بوجهك ) فقال : ( أو من تحت أرجلكم ) [الأنعام : 65] ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أعوذ بوجهك ) ، قال : ( أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعضٍ ) [ الأنعام : 65 ] فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( هذا أيسر ) . (4)وعن علي بن أبي طالب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند مضجعه : ( اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم ، وبكلماتك التامات من شرّ كل دابة أنت آخذ بناصيتها ) . رواه أبو داود (5)


ج- إجابة من سألك بوجه الله
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من استعاذ بالله فأعيِذُوهُ ، ومن سألكم بوجه الله فأعطوه ) . (6)



د- الطمع في رؤية وجه الله

 عن عمار بن ياسر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول : ( اللهم بعلمك الغيب ، وقدرتك على الخلق ، أحيني ما علمت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي .
اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة .
وأسألك كلمة الحق والعدل في الغضب والرّضا .
وأسألك القصد في الفقر والغنى .
وأسألك نعيماً لا يبيدُ .
وأسألك قرة عين لا تنقطع .
وأسألك الرضا بعد القضاء .
وأسألك برد العيش بعد الموت .
وأسألك لذة النظر إلى وجهك .
وأسألك الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ، ولا فتنة مضلة .
اللهم زينا بزينة الإيمان ، واجعلنا هداة مهتدين ) . (7)
وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الزيادة المذكورة في قوله تعالى : ( للَّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ ) [ يونس : 26 ] بأنها النظر إلى وجه ربنا عزّ وجلّ ، ونقل القول بذلك عن أبي بكر وحذيفة ثم قال : ( الآثار في معنى هذا عن الصحابة والتابعين – رضي الله عنهم – كثيرة ) . (8)


وروى مسلم في صحيحه عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا دخل أهل الجنة الجنة ، قال : يقول الله تبارك وتعالى : تريدون شيئاً أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيِّض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة ، وتنجنا من النار ؟ قال : فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عزّ وجل ) ثمّ تلا هذه الآية : ( للَّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ ) [ يونس : 26 ] . (9)
وقد جاء في الصحيحين أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( جنتان من فضة : آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من ذهب : آنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداءُ الكبرياء على وجهه في جنة عدن ) . (10)



حجاب وجهه تبارك وتعالى :


عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله – عزّ وجلّ – لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار ، وعملُ النهار قبل عمل الليل ، حِجَابُهُ النور ( وفي رواية أبي بكر : النار ) لو كشفه لأحرقتْ سبحاتُ وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) . (11)
وهذا التردد من الراوي في لفظ النّور والنّار لا يضرّ ، فإن مثل هذه النّار الصافية التي كلم الله بها موسى يقال لها : نور ونار كما سمّى الله نار المصباح نوراً ، بخلاف النّار المظلمة كنار جهنّم فتلك لا تسمى نوراً .
وهذه الحجب تحجب العباد عن الإدراك ، كما قد يحجب الغمام والسقوف عنهم الشمس والقمر ، فإذا زالت تجلت الشمس والقمر ، وليس المراد أنّها تحجب الله عن الرؤية ، فهذا لا يقوله مسلم ، فإنّ الله لا يخفى عليه شيء في السماء ولا في الأرض ، ولكن يحجب أنواره إلى مخلوقاته . كما قال : ( لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ) فالبصر يدرك الخلق كلهم ، وأما السبحات فهي محجوبة بحجابه النور أو النّار .

لله سبحانه يدان



ولله – سبحانه وتعالى – يدان تليقان بجلاله وكماله ، لا تشبهان شيئاً من أيدي المخلوقين ، قال تعالى : ( بل يداه مبسوطتان ) [ المائدة : 64 ] ، وقال مقرّعاً إبليس حين رفض السجود لآدم : ( قال يَا إِبْلِيسُ ما منعك أن تسجد لما خلقت بِيَدَيَّ ) [ ص : 75 ] .
تمجيد الله بذكر يديه :
وردت أحاديث عديدة فيها تمجيد الرب – تبارك وتعالى – بذكر يديه ، وأن الخير فيهما ، فأهل الجنة يناديهم ربهم فيقول لهم : ( يا أهل الجنّة ، فيقولون : لبيك ربنا وسعديك ، والخير في يديك ) . (1)
وينادي ربنا آدم عليه السلام يوم القيامة ، فيقول آدم مجيباً : ( لبيّك وسعديك ، والخير كله في يديك ) . (2)

 وكان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة من الليل : ( لبيك وسعديك ، والخير في يديك ) . (3) وكان من تلبية ابن عمر : " لبيك وسعديك ، والخير في يديك " . (4)


بسط الربّ يديه :


وهو – سبحانه – كريم يبسط يديه بالعطاء والإنفاق ( بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ) [ المائدة : 64 ] .
كما أنّه يبسط يديه بالليل والنّهار ليتوب العباد ، ففي صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله يبسط يده بالليل ، ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ، ليتوب مسيء الليل ، حتى تطلع الشمس من مغربها ) . (5)



الأشياء التي خلقها الرحمن بيده :


لا يعجز الله شيء ، فإذا أراد شيئاً خلقه بكلمة (كن) ، فيكون كما أراد ، إلا أنّه خلق بيده أشياء مما يدلّ على تكريمها ، ورفع منزلتها ، وعناية الله بها ، والمخلوقات التي خلقها الله بيده ، وذكرها لنا في كتابه أو وردت في سنة رسوله هي :

أ- آدم :
وفي ذلك يقول تعالى لإبليس : ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بِيَدَيَّ ) [ص:75] .
وفي حدث الشفاعة الطويل : ( فيأتون آدم فيقولون : أنت آدم أبو الناس ، خلقك الله بيده ، وأسكنك جنته ) متفق عليه (6)
وفي حديث احتجاج آدم وموسى ، قال موسى لآدم : ( أنت الذي خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من رُوحه ) . (7)
فأخبر الحقّ – تبارك وتعالى – أنه خلق آدم بيده ، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنّ الناس يستشفعون إلى آدم ، ويذكرون أعظم ما فضله الله به ، وهو خلق الله له بيده ، وكذلك موسى عليه السلام ذكر ما فَضّلَ الله به آدم ، وهو خلقه بيده ، وذكر هذه الخصوصية تدل على أمر امتاز به آدم عن غيره ، وإلا فلو كانت اليد هنا القدرة فأي فضل لآدم على غيره ، حتى يمتدح بذلك .


ب- كتب التوراة بيده :

ورد في بعض روايات حديث المحاجّة بين آدم وموسى ، أن آدم قال لموسى : ( أنت موسى اصطفاك الله بكلامه ، وخط لك التوراة بيده ) (8) . وفي رواية في الصحيحين : ( اصطفاك الله بكلامه ، وخط لك بيده ) . (9)



ج- كتب بيده كتاباً موضوعاً عنده :


عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لما قضى الله الخلق كتب كتاباً عنده : غلبت – أو قال : سبقت – رحمتي غضبي ، فهو عنده فوق العرش ) .
وفي رواية : ( إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق الخلق : أن رحمتي سبقت غضبي ، فهو مكتوب عنده فوق العرش ) . (10)ورواه ابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ : ( كتب ربكم على نفسه بيده قبل أن يخلق الخلق : رحمتي سبقت غضبي ) . (11)ورد إثبات كتابة الرحمن الكتاب بيده في كتاب السنة لابن أبي عاصم ، ولفظه : ( لما قضى الله تعالى الخلق كتب بيده في كتاب عنده : غلبت أو قال : سبقت رحمتي غضبي ، فهو عنده فوق العرش ) أو كما قال . (12)



د- غرس جنة عدن بيده :


ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( سأل موسى ما أدنى أهل الجنة منزلة ؟ قال هو رجل يجئ بعدما أدْخل أهل الجنة الجنة ، فيُقال له : ادخل الجنة ، فيقول : أي رب ، وقد نزل الناس منازلهم ، وأخذوا أخذاتهم ؟ فيقال له : أترضى أن يكون لك مثل ملك من مُلوك الدنيا ؟ فيقول : رضيتُ ربّ ، فيقول : لك ذلك ، ومِثلهُ ومِثلهُ ومِثلهُ ، فقال في الخامسة : رضيت ربّ ، فيقولُ : هذا لك ، وعشرة أمثاله ، ولك ما اشتهت نفسك ، ولذت عينك فيقول : رضيت ربّ .
قال : ربّ فأعلاهُم منزلة ؟ قال : أولئك الذين أردت ، غرست كرامتهم بيدي ، وختمت عليها ، فلم تر عين ، ولم تسمع أذن ، ولم يخطر على قلب بشر ، قال : ومصداقه في كتاب الله – عز وجل – ( فلا تعلم نفسٌ مَّا أُخْفِيَ لهم من قُرَّةِ أعينٍ جزاء بما كانوا يعملون ) [ السجدة : 17 ] (13) . فقد أخبر : أنه غرس جنتهم بيده سبحانه .


عظم يدي الرب سبحانه وتعالى :
جاء في كتاب الله قوله تعالى : ( وما قدروا الله حقَّ قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسَّماوات مَطْوِيَّاتٌ بيمينه ) [ الزمر : 67 ] .
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يقبض الله – تبارك وتعالى – الأرض يوم القيامة ، وَيَطوي السّماء بيميِنِه ثُمّ يَقُول : أنا الملك ، أين مُلوك الأرض ) . (14)
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يطوِي الله – عزّ وجل – السماوات يوم القيامة ، ثم يأخذهن بيده اليمنى ، ثم يقول : أنا الملك ، أين الجبارون ؟ أين المُتكبرون ؟ ثمّ يطوي الأرضين بشماله ، ثم يقولُ : أنا الملك ، أين الجبارون ، أين المتكبرون ؟ ) .
وفي لفظ قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول : ( يأخُذُ الجبار – عزّ وجلّ - سمواته وأرضيه بيديه ، فيقول : أنا الله ( ويقبض أصابعه ويبسطها ) أنا الملك ) ، (( حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفلِ شيء منه ، حتى إنّي لأقول : أساقطٌ هو برسول الله صلى الله عليه وسلم )) . (15)



كلتا يديه – سبحانه – يمين :


ورد في رواية في صحيح مسلم : ( ثم يطوي الأرضين بشماله ) وقد ضعف هذه الرواية البيهقي من ناحية الإسناد فقال : " ذكر الشمال فيه ، تفرد به عمر بن حمزة عن سالم ، وقد روى هذا الحديث نافع وعبيد الله بن مقسم عن ابن عمر ، لم يذكرا فيه الشمال " . (61)
وضعفها من ناحية المتن فقال : " وكيف يصِحّ ذلك وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّهُ سمّى كلتا يديه يَميناً " . (17)


وعن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن المقسطين عند الله على منابر من نُور على يمين الرحمن – عزّ وجلّ – وَكلتا يديه يمينٌ ، الذين يعدِلون في حكمهم وأهليهم وما وُلوا ) . (18)
استواؤه على العرش



العرش أعظم المخلوقات كلها ، وقد نصّ الله في سبعة مواضع من كتابه على استوائه على العرش بقوله : ( الرَّحمن على العرش استوى ) [ طه : 5 ] .والدليل على أنّ العرش مخلوق من مخلوقات الله قوله تعالى : ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذٍ ثمانيةٌ ) [ الحاقة : 17 ] أي في يوم القيامة ، وقوله : ( الَّذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للَّذين آمنوا ) [ غافر : 7 ] فقد أخبر أنّ للعرش حملة ، وأنّهم يستغفرون للمؤمنين ، وهذا ينفي قول من يقول إن العرش هو الملك .
وفي الحديث الذي يرويه البخاري : ( إذا سألتم الله فسلوه الفردوس ، فإنّه أوسط الجنة ، وأعلى الجنة ، وفوقه عرش الرحمن ، ومنه تُفجّرُ أنْهارُ الجنة ) . (1)
وروى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تخيّروني على موسى ، فإنّ الناس يصعقون يوم القيامة ، فأكون أول من يفيق ، فإذا موسى باطش بجانبي العرش ،فلا أدري أكان موسى فيمن صعق ، فأفاق قبلي ، أو كان ممن استثنى الله ) . (2)
وفي رواية في الصحيح عن أبي سعيد الخدري : ( فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش ) . (3)
فكيف لا يكون العرش خلقاً من خلق الله وهو سقف الفردوس ، وكيف يمكن لموسى أن يمسك بقائمة من قوائمه لو كان غير مخلوق !!
وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق عرشه أن رحمتي سبقت غضبي ) . (4)


عِظَم العرش :وصف الله العرش بأنه عظيم ( وربُّ العرش العظيم ) [ المؤمنون : 86 ] .
وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم عظمة العرش بوجهين من البيان :


الأول : بإخباره عن عظم الملائكة الذين يحملون العرش ، ففي سنن أبي داود بإسناد صحيح إلى الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أذن لي أن أحدّث عن ملك من ملائكة الله ، من حملة العرش : ما بين شحمة أذنِهِ إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام ) . (5)

والوجه الثاني : بين الرسول عِظمَهُ بأن صوّر سعة العرش بالنسبة للسماوات والأرض ، وصغرهما بالنسبة إليه ، قال صلى الله عليه وسلم : ( ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة ، وفضل العرش على الكرسي ، كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة ) . (6)


تمجيد الله نفسه باستوائه على العرش وأنه ربّ العرش :



وقد امتدح الربّ نفسه بأنّه مستو على عرشه ، كقوله ( طه – ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى – إلاَّ تذكرةً لمن يخشى – تنزيلاً ممَّن خلق الأرض والسَّماوات الْعُلَى – الرَّحمن على العرش استوى ) [ طه : 1-5 ] . وقوله : ( هو الَّذي خلق السَّماوات والأرض في ستَّة أيام ثُمَّ استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السَّماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير ) [الحديد :4] .
وامتدح نفسه في أكثر من آية بأنه صاحب العرش ( ذو العرش المجيد – فعَّالٌ لما يريد ) [ البروج : 15-16 ] ( إذاً لابتغوا إلى ذِي العرش سبيلاً ) [ الإسراء : 42 ] .
وامتدح نفسه بأنه رب العرش ( عليه توكَّلت وهو ربُّ العرش العظيم ) [التوبة : 129] ، ( فسبحان الله ربّ العرش عمَّا يصفون ) [ الأنبياء : 22 ] ، ( قل من رَّبُّ السَّماوات السَّبع وربُّ العرش العظيم ) [ المؤمنون : 86 ] .
ومن شعر عبد الله بن رواحة يمجد ربّه سبحانه وتعالى :
شهدت بأن وعد الله حق ××× وأنّ النّار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء طاف ××× وفوق العرش ربّ العالمينا
وتحمله ملائكة كرام ××× ملائكة الإله مسوّمينا
روى هذا الشعر ابن عبد البر في الاستيعاب ، وقال : رويناه من وجوه صحاح .




معنى استوائه على العرش :


نحن نجهل كيفية استوائه سبحانه ، لأننا نجهل كيفية ذاته ، ولكنّنا نعرف معنى استوى في لغة العرب ، فالعرب عندما يُعدّون استوى بـ ((على)) يقصدون بهذه الكلمة معاني أربعة هي : استقر ، وعلا ، وارتفع ، وصعد ، كما حقق ذلك ابن القيم . (7)

وقد نقل أبو الحسن الأشعري عن المعتزلة أنهم فسروا ( استوى على العرش ) بمعنى استولى عليه (8) ، فالذي يؤول الاستواء هذا التأويل سلفه في هذا المعتزلة ، وبئس السلف هم .
أما أهل السنة وأصحاب الحديث فإنهم يثبتون استواءه على العرش ، ولا ينفونه ، ولا يكيفونه كما نقل ذلك عنهم أبو الحسن الأشعري رحمه الله . (9)


وقد نقل لنا أهل اللغة أن العلماء بالعربية الذين لم تتدنس فطرهم بقاذورات الفلسفات الوافدة أبوا أن يفسروا استوى باستولى .

قال داود بن علي الأصبهاني : كنت عند ابن الأعرابي ، فأتاه رجل فقال : ما معنى قوله عزّ وجلّ : ( الرَّحمن على العرش استوى ) [ طه : 5 ] فقال ابن الأعرابي : هو على عرشه كما أخبر ، فقال : يا أبا عبد الله : إنما معناه استولى ، فقال ابن الأعرابي : فما يدريك ؟ العرب لا تقول استولى على الشيء حتى يكون له مضاد ، فأيهما غلب فقد استولى عليه ، أما سمعت قول النابغة :
إلا لمثلك أو من أنت سابقه ××× سبق الجواد إذا استولى على الأمد (10)
وهذا النهج ، وهو معرفة معنى الاستواء وجهل الكيفية والنهي عن البحث فيها هو منهج السلف الصالح ، فعندما سئل الإمام مالك : ( الرّحمن على العرش استوى ) [طه :5] كيف استوى ؟
أطرق مالك ، وأخذته الرحضاء ، ثم رفع رأسه فقال : " الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه ، ولا يقال : كيف ؟ وكيف عنه مرفوع ، وأنت صاحب بدعة ، أخرجوه " . (11)


وفي رواية عن مالك أنه قال : " الكيف غير معقول ، والاستواء منه غير مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة " . (12)


وقوله : " غير مجهول " أي : معلوم ، والمعلوم منه معناه ، فإن له في لغة العرب معنى تفقهه العرب ، وتعيه ، ويمكن للعالم أن يفسره ، ويترجمه ، ولذا فإن كثيراً من الذين حكوا عن الإمام مالك مقالته السابقة ينقلونها عنه بالمعنى ، فيذكرون أنه قال في الرد على الرجل : " الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة " (13) . ولا فرق في الحقيقة بين القول إن الاستواء معلوم ، أو أنه غير مجهول ، فمعناهما واحد .

يقول القرطبي رحمه الله تعالى : " كان السلف الأول – رضي الله عنهم – لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك ، بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله تعالى كما نطق كتابه وأخبرت رسله .
ولم ينكر أحد أنه استوى على عرشه حقيقة ، وخص العرش بذلك لأنه أعظم مخلوقاته ، وإنما جهلوا كيفية الاستواء ، فإنه لا تعلم حقيقته .


قال مالك : " الاستواء معلوم – يعني في اللغة – والكيف مجهول ، والسؤال عنه بدعة ، وكذا قالت أم سلمة رضي الله عنها . وهذا قدر كاف " . (14)
 أين الله ؟

أخبرنا – سبحانه – أنّه في السماء ، مستوى على عرشه ( أَأَمِنتُم مَّن في السَّماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تَمُورُ – أمّ أَمِنتُم مَّن في السَّماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير ) [ الملك : 16-17 ] .
وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربّه أنّه في السماء ، ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ، يأتيني خبر السماء صباح مساء ) . (1)


وشهد للجارية بالإيمان عندما أخبرته أن الله في السماء ، ففي صحيح مسلم وسنن أبي داود : أنّ معاوية بن الحكم السلمي ضرب جارية له لتقصيرها في الحفاظ على أغنامه ، ثم ندم فجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم نادماً يستأذنه في إعتاقها ، فطلبها الرسول صلى الله عليه وسلم وسألها ( أين الله ؟ ) قالت : في السماء . قال : ( من أنا ؟ ) قالت : أنت رسول الله ، قال : ( أعتقها فإنها مؤمنة ) . (2)




وقد أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم المريض أن يدعو لنفسه أو يدعو له أخوه بهذا الدعاء – وفيه النص على أنه تعالى في السماء – ( ربنا الله الذي في السماء تقدّس اسمك ، أمرُك في السماء والأرض ، كما رحمتك في السماء فاجعل رحمتك في الأرض ، اغفر لنا حوبنا وخطايانا ، أنت رب الطيبينَ ، أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع فيبرأ ) . (3)

وفي حديث عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) . (4)


معنى كونه في السماء :


وليس المراد بأنه في السماء أنّ جرم السماء يحتويه – سبحانه وتعالى عن ذلك – بل المراد بالسماء العلو والفوقية ، فقد وصف نفسه – سبحانه – بأنه الأعلى ( سبّح اسم ربّك الأعلى ) [ الأعلى : 1 ] ، وبأنه العلي العظيم : ( وسع كرسيُّه السَّماوات والأرض ولا يَؤُودُهُ حفظهما وهو الْعَلِيُّ العظيم ) [ البقرة : 255 ] .
وأخبر تعالى أنّه فوق عباده : ( يخافون ربَّهم من فوقهم ) [ النحل : 50 ] ، ( وهو القاهر فوق عباده ) [ الأنعام : 18 ] وفي تمجيد الرسول صلى الله عليه وسلم لربّه في دعائه يقول : ( وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ) . (5) وكانت زينب تفخر على زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم وتقول : ( زوجكن أهاليكن وزوّجني الله من فوق سبع سموات ) . (6)


ولا يمكن لمسلم يفقه عقيدته حق الفقه أن يظن أنّ الله في السماء بمعنى أنّ السماء تحويه ، وأنّه في جرم السماء ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، كيف والسماوات ليس بشيء بالنسبة إليه سبحانه ( والسَّماوات مطويَّات بيمينه ) [ الزمر : 67 ] ، ( يوم نطوي السَّماء كَطَيِّ السِّجِلِّ للكتب ) [ الأنبياء : 104 ] .



كثرة الأدلة :


والأدلة من الكتاب والسنة على أنّه تعالى في السماء فوق عباده ظاهر عليهم كثيرة جداً ، ويحتاج استقصاؤها إلى صفحات طويلة ، ويمكن أن نصنفها على النحو التالي :
1- الأدلة الدالة على أنّه في السماء ، وقد ذكرناها .


2- الأدلة الدالة على أنّه مستو على العرش ، وقد سبقت .

3- الأدلة الدالة على علوه ، وأنه فوق عباده ، وقد ذكرنا طرفاً منها .

4- النصوص الدالة على أن بعض مخلوقاته عنده ، كقوله : ( إنَّ الَّذين عند ربّك لا يستكبرون عن عبادته ) [ الأعراف : 206 ] .وقال في الشهداء : ( بل أحياء عند ربهم يرزقون ) [ آل عمران : 169 ] .وهي نصوص كثيرة .

5- النصوص المخبرة برفع بعض الأشياء أو عروجها وصعودها إليه ، كالآيات المصرحة برفع عيسى ابن مريم ( بل رَّفعه الله إليه ) [ النساء : 158 ] والمخبرة بصعود الأعمال إليه : ( إليه يصعد الْكَلِمُ الطيّب والعمل الصَّالح يرفعه ) [ فاطر : 10 ] ، والنصوص المخبرة بصعود أرواح المؤمنين ( إنَّ الَّذين كذَّبوا بِآيَاتِنَا واستكبروا عنها لا تُفَتَّحُ لهم أبواب السَّماء ) [ الأعراف : 40 ] .فدل النصّ على أنّ المؤمنين تفتح لهم ، وقد جاءت الأحاديث مفسرة ذلك وموضحة له .ومن ذلك عروج الملائكة إليه ( تعرج الملائِكة والرُّوح إليه ) [ المعارج : 4 ] .

6- ومنها إخباره بإنزال الملائكة ( ينزّل الملائِكة بالرُّوح من أمره ) [ النحل : 2 ] ، وإخباره بإنزال الكتب ( وهذا كتاب أنزلناه مباركٌ ) [ الأنعام : 92 ] .


7- ومنها رفع الأيدي والأبصار إليه ، وقد وردت أحاديث كثيرة ذكر فيها رفع الرسول صلى الله عليه وسلم يديه في الدعاء ، وكلّ منْ حزَبه أمرٌ فإنه يرفع يديه إلى العلو يدعو الله .وكذلك رفع البصر ، فإنه ثبت في الدعاء بعد الوضوء .


8- ومن ذلك إشارته صلى الله عليه وسلم بإصبعه إلى العلو كما في حديث حجة الوداع عندما قالوا : نشهد أنّك قد بلغت وأديت ونصحت ، فقال بإصبعيه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس : ( اللهم اشهد ، اللهم اشهد ) . (7)
وإن أحببت المزيد من ذكر الأدلة وأقوال سلف الأمة فراجع ما جمعه أهل العلم في مدوناتهم في هذا الموضوع .


علوه – سبحانه – لا ينافي قربه :
فهو قريب يجب دعوة الداعي إذا دعاه ، ويعلم سرّه ونجواه ، وهو أقرب إلى داعيه من عنق راحلته ، ويعلم ما توسوس به النفوس ، وهو أقرب إليه من حبل الوريد ، وهو يعلم السرّ وأخفى ، ويعلم ما يلج في الأرض ، وما يخرج منها ، وما ينزلُ من السماء ، وما يعرج فيها ، وهو مع خلقه بعلمه وقدرته ، لا تخفى عليه منهم خافية ، وما يعزب عن ربك مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ، فهو – سبحانه – القريب في علوّه ، العلي في دنوّه وهو الأول والآخر والظاهر والباطن .


ضحك ربنا سبحانه


وهو – سبحانه – يضحك متى شاء ، كيف شاء ، نؤمن بذلك ونصدّقه ، ولا ندري كيفيته ، ولسنا مطالبين بأن ندري .

وقد ثبت في ذلك أخبار صحاح منها :

1- عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يضحك الله إلى رجُلين يقتل أحدهما الآخر ، يدخلان الجنة ، يُقاتل هذا في سبيل الله فيُقتَلُ ، ثم يتوب الله على القاتل فيستشهد ) . (1)

2- عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أصابني الجهد ، فأرسل إلى نسائه ، فلم يجد عندهن شيئاً .فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا رجل يضيفه الليلة يرحمه الله ) . فقام رجل من الأنصار ، فقال : أنا يا رسول الله .فذهب إلى أهله فقال لامرأته : ضيف رسول الله لا تدخريه شيئاً .فقالت : والله ما عندي إلا قوت الصبية .قال : فإذا أراد الصبية العشاء فنوميهم ، وتعالي ، فأطفئي السراج ، ونطوي بطوننا الليلة ، ففعلت .ثمّ غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( لقد عجب – عزّ وجلّ – أو ضحك من فلان وفلانة ) ، فأنزل الله عزّ وجلّ : ( ويؤثِرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ ) [ الحشر : 9 ] . (2)

3- وفي صحيح البخاري من حديث طويل عن أبي هريرة يرفعه : ( ثمّ يفرغ الله تعالى من القضاء بين العباد ، ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار ، هو آخر أهل النار دخولاً الجنة ، فيقول : أي ربّ اصرف وجهي عن النار ، فإنّهُ قد قَشَبَنِي ريحها ، وأحرقني ذكاؤها ، فيدعو الله ما شاء أن يدعوه .ثم يقول الله : هل عسيت إن أعطيت ذلك أن تسألني غيره ؟ فيقول : لا وعزك ، لا أسألك غيره ، ويعطي ربه من عهود ومواثيق ما شاء ، فيصرف الله وجهه عن النار .فإذا أقبل على الجنة ورآها سكت ما شاء الله أن يسكت ، ثم يقول : أي ربّ قدّمني إلى باب الجنة ، فيقول الله له : ألسْتَ قد أعطيت عهودك ومواثيقك لا تسألني غير الذي أعطيت أبداً ، ويلك يا ابن آدم ما أغدرك . فيقول : أي ربّ ويدعُو الله حتى يقول : هل عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسْأل غيره ؟ فيقول : لا وعزّتك لا أسألك غيره . ويُعْطِي ما شاءَ مِنْ عُهودٍ ومواثيق .


فيُقَدّمه إلى بَاب الجَنّةِ ، فإذا قَامَ إلى باب الجنة انْفَهَقَتْ لهُ الجنة ، فرأى ما فيها من الحَبْرَةِ والسرور ، فَيَسْكتُ ما شاء الله أن يسكت ، ثمّ يقول : أي ربّ أدْخِلني الجنة ، فيقول الله : ألست قد أعطيت عُهُودَكَ ومواثيقك أن لا تسأل غير ما أعطِيت . فيقول : ويلك يا ابن آدم ما أغدرك ، فيقول : أي ربِّ لا أكون أشقى خلقك ، فلا يزال يدعو حتى يضحك الله منه ، فإذا ضحك الله منه ، قال : ادخل الجنة ) . (3)


وفي رواية عند مسلم في حديث عبد الله بن مسعود : أنّ الله يقول لهذا الرجل : ( أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها ؟ فيقول : يا رَبّ أتستهزِئُ مني وأنت ربّ العالمين ؟ ) وضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : مم تضحك يا رسول الله ؟ قال : ( من ضحِكِ رَبّ العالمين حين قال : أتستهزئ مني وأنت ربّ العالمين ؟ فيقول : إني لا أستهزِئ منك ، ولكني على ما أشاء قادر ) . (4)



نزوله – سبحانه – ومجيئه


عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ينزل ربنا – تبارك وتعالى – كل ليلة إلى سماء الدّنيا ، حين يبقى ثلث الليل الآخر ، يقول : من يدعونِي فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له ) . (1)

وقد نصّ القرآن على أنّ الله يأتي يوم القيامة لفصل القضاء ( هل ينظرون إلاَّ أن يأتيهم الله في ظُلَلٍ من الْغَمَامِ والملائِكة وقضى الأمر ) [ البقرة : 210 ] ، ( كلاَّ إذا دُكَّت الأرض دكّاً دكّاً – وجاء ربُّك والملك صفّاً صفّاً ) [ الفجر : 21-22 ] .


وعن ابن مسعود – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم أربعين سنة ، شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون فصل القضاء ، وينزلُ الله في ظُللٍ من الغمامِ من العرش إلى الكُرسي ) . (2)


كلام الله



والله – سبحانه – يتكلم متى شاء كيف يشاء ، لا يشبه كلامه كلام المخلوقين ، وقد كلم الله بعض خلقه وكلموه ، منهم نبي الله موسى ( وكلَّم الله موسى تكليماً ) [النساء : 164 ] ، ( ولمَّا جاء موسى لِمِيقَاتِنَا وكلَّمهُ ربُّه ) [الأعراف : 143] .وقد ذكر لنا الله ما دار بينه وبين موسى : ( قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقرَّ مكانه فسوف تراني فلمَّا تجلَّى ربُّه للجبل جعله دكّاً وخرَّ موسى صعقاً فلمَّا أفاق قال سُبْحَانَكَ تبت إليك وأنا أول المؤمنين – قال يا موسى إنّي اصطفيتك على النَّاس بِرِسَالاَتِي وبكلامي فخذ ما آتَيْتُكَ وكن من الشَّاكرين ) [ الأعراف: 143-144] .

وكلم الله آدم وحواء ( وناداهما ربُّهما ألم أنهكما عن تلكما الشَّجرة وأقل لَّكما إنَّ الشَّيطان لكما عدوٌّ مُّبينٌ ) [ الأعراف : 22 ] .

ويكلم الله جبريل ، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنّ الله تبارك وتعالى إذا أحب عبداً نادى جبريل : إنّ الله أحبّ فلاناً فأحبه ، فيُحبهُ جبريل ، ثم ينادي جبريل في أهل السماء : إنّ الله قد أحب فلاناً فأحبوه ،فيحبه أهل السماء ،ويوضع له القبول في الأرض ) . (1)
وتسمع الملائكة ربهم حين يتكلم ، ففي الصحيح عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خُضعاناً لقوله ، كأنّه سلسلة على صفوان ، فإذا فزّع عن قلوبهم قالوا : ماذا قال ربكم ، قالوا : الحقّ ، وهو العلي الكبير ) . (2)




وهذا الحديث أورده البخاري تفسيراً لقوله تعالى : ( ولا تنفع الشَّفاعة عنده إلاَّ لمن أذن له حتَّى إذا فُزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربُّكم قالوا الحقَّ وهو العليُّ الكبير ) [سبأ : 23 ] .


فقد جعل البخاري هذه الآية باباً ، ثم قال : " ولم يقل ماذا خلق ربكم " ، وأورد في هذا الباب ما رواه مسروق عن ابن مسعود معلقاً موقوفاً عليه : " إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماوات شيئاً ، فإذا فزع عن قلوبهم ، وسكن الصوت ، عرفوا أنه الحق ، ونادوا : ماذا قال ربكم " .

وأورد حديثاً معلقاً يرويه جابر عن عبد الله بن أنيس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( يحشر الله العباد فيناديهم بصوت ، يسمعه من بَعُدَ ، كما يسمعه من قَرُبَ : أنا الملك أنا الديان ) . (3)
وقال البخاري في كتابه ( خلق أفعال العباد ) معلقاً على هذا الحديث : " في هذا دليل أن صوت الله لا يشبه أصوات الخلق ؛ لأن صوت الله جلّ ذكره يسمع مِن بُعْدٍ كما يُسمع من قُرْبٍ ، وأن الملائكة يصعقون من صوته " . (4)


ويتكلم الله – سبحانه – بصوت لا يشبه شيئاً من أصوات الخلق كما في الحديث الذي يرويه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يقول الله يا آدمُ ، فيقول : لبيك وسعديك ، فيُنَادِي بصوت : إنّ الله يأمرك أن تخرج من أمتك بعثاً إلى النار ) . (5)

وفي يوم القيامة يكلم الملائكة ( ويوم يحشرهم جميعاً ثمَّ يقول للملائِكة أهؤلاء إيّاكم كانوا يعبدون – قالوا سبحانك أنت وليُّنا من دونهم بل كانوا يعبدون الجِنَّ أكثرهم بهم مُّومنون ) [ سبأ : 40-41 ] .

ويخاطب الكفرة المكذبين مقرّعاً ومبكتاً ( ويوم نحشر من كل أمَّةٍ فوجاً مَّمَّن يكذّبُ بآياتنا فهم يوزعون – حتَّى إذا جَاؤُوا قال أكذَّبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علماً أمَّاذا كنتم تعملون ) [ النمل : 83-84 ] .


ويخاطب الله أهل الجنة ويكلمهم ، فعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنّ الله يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ، فيقولون : لبيك وسعديك والخير في يديك ، فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك . فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ فيقولون : يا رب ، وأيّ شيء أفضلُ من ذلك ؟ فيقول : أحل عليكمُ رضواني ، فلا أسخطُ عليكم بعدهُ أبداً ) . (6)



كلام الله لا يحصى ولا يستقصى :


قال الله تبارك وتعالى : ( قل لَّو كان البحر مداداً لكلمات ربّي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربّي ولو جئنا بمثله مدداً ) [ الكهف : 109 ] .


القرآن كلام الله حقيقة :


والقرآن كلام الله حقيقة لا شك في ذلك ، قال تعالى : ( وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتَّى يسمع كلام الله ) [ التوبة : 6 ] ، وقال تعالى : ( سيقول المُخلَّفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتَّبعكم يريدون أن يبدّلوا كلام الله قل لَّن تتَّبعونا كَذَلِكُمْ قال الله من قبل ) [ الفتح : 15 ] .
وقال تعالى : ( ولو أنَّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدُّه من بعده سبعة أبحرٍ مَّا نفذت كلمات الله ) [ لقمان : 27 ] .


يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية (7) : " يقول الله تعالى مخبراً عن عظمته ، وكبريائه ، وجلاله ، وأسمائه الحسنى ، وصفاته العلا ، وكلماته التامة التي لا يحيط بها أحد ، ولا اطلاع لبشر على كنهها وإحصائها ، كما قال سيد البشر : ( لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) (8) فقال تعالى : ( ولو أنَّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ ) [لقمان : 27] أي : ولو أنَّ جميع أشجار الأرض جعلت أقلاماً ، وجعل البحر مداداً ، ومدّه سبعة أبحر معه ، فكتبت بها كلمات الله تعالى الدالة على عظمته وصفاته وجلاله لتكسّرت الأقلام ، ونفد ماء البحر ، ولو جاء أمثالها مدداً " .


وقال الحسن البصري : " لو جعل شجر الأرض أقلاماً ، وجعل البحر مداداً ، وقال الله تعالى : إن من أمري كذا ، ومن أمري كذا ، لنفد ما في البحور ، وتكسّرت الأقلام " وصدق الله إذ يقول : ( وما أُوتيتم من العلم إلاَّ قليلاً ) [ الإسراء : 85 ] .


محبة الله


جاء في الكتاب والسنة أنّ الله تعالى يحب أفعالاً معينة ، كما يحب كلاماً معيناً ، ويحبّ بعض خلقه الذين اتصفوا بصفات خاصة بيّنها .وما أخبرنا بذلك إلا لكي نبادر إلى الاتصاف بما يحبّه من الأخلاق ، والقيام بالأعمال التي يحبها ، والإكثار من ذكر الكلام الذي يحبه ، وبذلك يحبنا سبحانه وتعالى .

والله تعالى يحبّ المتقين : ( إنّ الله يحبُّ المتَّقين ) [ التوبة : 4 ] ، ويحب المحسنين : ( والله يحبُّ المحسنين) [ آل عمران : 146 ] ، ويحبّ التوابين والمتطهرين : ( إنَّ الله يحبُّ التَّوَّابين ويحبُّ المتطهّرين ) [ البقرة : 222 ] ، ويحب الصابرين : ( والله يحبُّ الصَّابرين ) [ آل عمران : 146 ] ، ويحب العادلين ( إنَّ الله يحبُّ المقسطين ) [ المائدة : 42 ] ، ويحب المتوكلين ( إنَّ الله يحبُّ المتوكلين ) [ آل عمران : 159 ] ، ويحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً : ( إنَّ الله يحبُّ الَّذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنَّهم بنيانٌ مَّرصوصٌ ) [الصف : 4] .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن ، سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ) . (1)


وعن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أَحبُّ الكلام إلى الله أربع : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، لا يضُرّك بأيهن بدأت ) . (2)وقال صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس : ( إنّ فيك خَصلتين يُحبهما الله : الحلمُ ، والأناةُ ) . (3)


وعن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أحبّ لِقاء الله أحبّ الله لقاءهُ ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءهُ ) . (4) وجمع الأعمال والأخلاق والأقوال التي يحبها الله هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما اتصف به عليه السلام ، ولذا فقد بيّن الله في آية جامعة أن السبيل إلى محبته هو اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم : ( قل إن كنتم تحبُّون الله فاتَّبعوني يحببكم الله) [ آل عمران : 31 ]


 كراهة الله وبغضه


هناك أعمال لا يحبها الله ، بل يكرهها ويبغضها ، وكراهيته وبغضه – سبحانه – حق على وجه يليق بذاته الكريمة ، من هذه الأعمال الفساد ( والله لا يحبُّ الفساد ) [ البقرة : 205 ] ، ولذا فإنّه ( لا يحبُّ المفسدين ) [ المائدة : 64 ] .

وجاء في النصوص أنّه لا يحب : الكافرين ، والظالمين ، والمسرفين ، والمستكبرين ، والمعتدين ، والخائنين ، والفرحين . ولا يحب كل مختال فخور ، وكفّار أثيم ، وخوّان أثيم . وفي القرآن ( ولكن كره الله انبعاثهم فثبَّطهم ) [ التوبة : 46 ] .وسبق ذكر الحديث الذي فيه : ( ومن كره لِقاء الله كَره الله لقاءهُ ) . (1)
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أبغض الرجال إلى الله الألدّ الخَصِمُ ) . (2)


وعن البراء بن عازب أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الأنصار : ( من أحبهم أحبه الله ، ومن أبغضهم أبغضه الله ) . (3)




  
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق